تقارير

بعد عتق رقبة شروق احمد علي.. تعرف على قضيتها وقصتها الحقيقية

وسط صمتٍ ثقيل وقلقٍ لا يهدأ، تخرج من أعماق الظلم الإنساني صرخة فتاة يمنية تُدعى شروق أحمد علي، تبلغ من العمر 23 عامًا، وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام مصير مأساوي، بعد أن انقلبت حياتها في لحظة، وتحولت إلى متهمة بجريمة قتل في سياق دفاعها عن النفس.

عتق رقبة شروق احمد علي

تروي شروق قصتها المؤلمة من خلف قضبان السجن، وتقول إنها فتاة يتيمة الأب وتعاني منذ طفولتها من نوبات صرع. كانت تعيش حياة عادية إلى أن “جاء اليوم الأسود” – كما وصفته – عندما حاول أحد الأشخاص الاعتداء عليها، لتبدأ مقاومته بشجاعة، في محاولة للدفاع عن نفسها، لكن المشهد انتهى بمقتل المعتدي، بعد أن “دخل الشيطان” كما وصفت اللحظة التي فقدت فيها السيطرة.

شروق احمد علي
السيدة وراء الحملة والتي تُعتبر أول من نشرت وسارعت في عتق الرقبة وسرعان ما انتشر الفيديو الخاص بها على نطاق واسع، وتحدث فيه\ على لسان شروق قصتها الكاملة ومبلغ الدية المطلوب

تحملت شروق حكم السجن لمدة أربع سنوات داخل “أربعة جدران”، كما تقول، بينما والدتها المسنّة تكافح وحدها من أجل توفير ما طُلب من أهل القتيل كدية، والتي بلغت في البداية 10 ملايين، ثم خُفِّضت بعد مفاوضات متواصلة لتصل إلى 3 ملايين. نجحت الأسرة والمتطوعون في سداد مليون ريال، ولا يزال مبلغ مليونين يقف حائلًا بين شروق والحرية… أو بين شروق وحكم الإعدام.

في مقطع مسجل مؤلم، تقول شروق: “باقي لي 13 يوم… يا أكون مع أمي، أو أكون عند ربي”.

تحوّلت قضية شروق إلى قضية رأي عام في الأوساط اليمنية والعربية، بعدما بدأ النشطاء على وسائل التواصل بنقل قصتها والدعوة للمساهمة في عتق رقبتها، استنادًا إلى الحديث الشريف: “من أعتق رقبة مؤمنة، ستره الله بها من النار”.

وقد ناشدت شروق الناس إيصال صوتها لمن يستطيع التبرع أو دعم حملات السداد، مؤكدة أنها لم تعد تملك سوى “الكلمة”، بعد أن أوصدت الأبواب في وجه والدتها، وأصبح الزمن خصمًا لا يرحم.

شروق اليمنية تنجو من الموت.. ملحمة إنسانية تُكلّل بجمع الدية في 24 ساعة

في مشهد يختصر معاني الشهامة والنخوة العربية، أعلنت اللجنة المنظمة لحملة عتق رقبة الشابة اليمنية شروق أحمد علي عن اكتمال مبلغ الدية البالغ 3 ملايين ريال سعودي، لتنتهي بذلك فصول واحدة من أكثر القضايا الإنسانية التي أثارت تعاطفًا واسعًا في الأيام الأخيرة، وتُسدل الستارة على مأساة كانت على بُعد أيام من تنفيذ حكم القصاص داخل المملكة العربية السعودية.

24 ساعة صنعت الحياة

لم يستغرق الأمر سوى ساعات قليلة حتى تحوّل النداء المؤثر الذي أطلقته شروق إلى ملحمة جماعية اجتمع فيها أبناء يافع، داخل اليمن وخارجه، من شيوخ ووجهاء ورجال أعمال وشباب وناشطين، ليعلنوا بصوت واحد: “شروق في ذمتنا، ولن يُهدر دمها”.

وقد تدفقت التبرعات بوتيرة متسارعة، حملت معها دعوات وأمنيات وأيدٍ مُمتدة بالخير، في لوحة أعادت إلى الأذهان صورًا من التكافل العربي الأصيل حين تنادي الضمائر ويُستنفر الفضلاء.

“ما معي بعد الله إلا أنتم”

بهذه العبارة البسيطة، المؤلمة، خرجت شروق في مقطع مصور وهي تبكي وتناشد الناس إنقاذها من الموت: “معاشي تبغى أعيش… ما معي بعد الله إلا أنتم”.

لم تكن الكلمات كثيرة، لكن صدقها كان كافيًا لإشعال جذوة التضامن في قلوب الآلاف، الذين تفاعلوا مع قضيتها واعتبروها أمانة لا بد من الوفاء بها.

دمعة انتصار على المقصلة

اليوم، وبعد إعلان اكتمال مبلغ الدية، لا تُحسب هذه النهاية على أنها إنقاذ لروح واحدة فحسب، بل هي شهادة جديدة على أن الخير لا يزال حاضرًا، وأن روح الجماعة أقوى من قسوة الأحكام، وأن الإنسان في مجتمعاتنا لا يزال يجد من يحتضنه حين تضيق به السبل.


تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى