اقتصاد

مورغان ستانلي يتوقع تراجعاً حاداً للدولار الأميركي أمام صعود اليورو والين والفرنك

رجّح «مورغان ستانلي» أن يتجه الدولار الأميركي نحو تراجع كبير بنحو 9% ليصل إلى مستوى 91 نقطة بحلول منتصف عام 2026، وهو مستوى لم يُسجل منذ ذروة تفشي جائحة كورونا، في إشارة إلى تحول محتمل في المشهد الاقتصادي العالمي، وسط تصاعد الشكوك بشأن مستقبل السياسة التجارية الأميركية.

ضغوط على الدولار وتراجع جاذبية الأصول الأميركية

تأتي هذه التوقعات في وقت تتنامى فيه المخاوف من تأثيرات محتملة لعودة دونالد ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، حيث يرى «مورغان ستانلي» أن سياسته التجارية المرتقبة قد تؤثر سلبًا على جاذبية الأصول المقومة بالدولار، وتُضعف من موقع العملة الأميركية عالميًا. وأشار البنك إلى أن عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات مرشحة للوصول إلى 4% بنهاية 2025، قبل أن تبدأ في التراجع العام المقبل بالتزامن مع تخفيضات مرتقبة من الفدرالي تصل إلى 175 نقطة أساس.

صعود محتمل للعملات الكبرى كملاذات بديلة

وفقًا لتقديرات البنك الأميركي، من المرجح أن تبرز عملات مثل اليورو والين الياباني والفرنك السويسري كبدائل آمنة أمام تراجع الدولار. وتوقع البنك أن يسجل اليورو صعودًا إلى 1.25 مقابل الدولار، في حين قد يصل الجنيه الإسترليني إلى 1.45. أما الين الياباني، فرجّح أن يتعزز إلى 130 ينًا للدولار بحلول العام المقبل، بدعم من تحولات السياسة النقدية وزيادة الطلب على الأصول الآمنة.

رؤية تحليلية: ضعف الثقة وتصنيفات ائتمانية متراجعة

وفي هذا السياق، رأى الدكتور جلال قناص، الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد بجامعة قطر، أن هذه التوقعات تنطلق من عوامل موضوعية أبرزها تراجع الثقة في الاقتصاد الأميركي وتزايد الحديث عن رسوم جمركية محتملة قد تُثقل كاهل التجارة العالمية. وأشار في مقابلة مع «العربية Business» إلى أن التصنيفات الائتمانية للولايات المتحدة انخفضت من الدرجة الممتازة «AAA» إلى «AA-»، وهو ما قد يؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين في الدولار على المدى البعيد.

فرصة لليورو لكن بتحديات اقتصادية

وأوضح قناص أن التوجه نحو اليورو قد يكون قصير الأمد في البداية، إلا أن منطقة اليورو تمتلك فرصة حقيقية لإعادة هيكلة اقتصادها وتحويل العملة الأوروبية الموحدة إلى بديل استراتيجي عالمي، مؤكدًا أن حصة اليورو من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية ما زالت بحدود 20%، مقارنة بنحو 60% للدولار، رغم مرور أكثر من 25 عامًا على إطلاقه.

ورأى أن التوسع في الاعتماد على اليورو سيؤدي إلى تداعيات مزدوجة، فمن جهة قد يعزز مكانته الدولية، ومن جهة أخرى قد يُضعف تنافسية الصادرات الأوروبية نتيجة ارتفاع قيمته. ولذلك، دعا قناص إلى تعزيز الإنفاق العام في أوروبا، لاسيما في قطاعات البنية التحتية والتكنولوجيا والمعرفة، من أجل دعم الطلب المحلي وتعويض أي تراجع محتمل في الصادرات.

نهاية مرحلة أم بداية لتحول عالمي؟

تأتي هذه التقديرات في وقت حساس يمر فيه الاقتصاد العالمي بتقلبات هيكلية، وقد تمثل مؤشراً على نهاية مرحلة تاريخية هيمنت فيها العملة الأميركية على الأسواق العالمية، لتفسح المجال أمام صعود تدريجي لعملات أخرى تسعى لاقتناص مكانة الدولار التاريخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى