سبب وفاة ابنة لويس انريكي زانا مارتينيز

بعد فوزه بدوري أبطال أوروبا 2025، مع باريس سان جيرمان، بدأ البحث حول سبب وفاة ابنة لويس انريكي زانا مارتينيز، التي كانت حاضرة في النهائي في المدرجات بين آلاف الحشود.
سبب وفاة ابنة لويس انريكي زانا
لم يكن لويس إنريكي يومًا مجرد مدرب ناجح يُصنّف بين أساطير التدريب في أوروبا، بل كان ولا يزال رجلًا تتقاطع إنجازاته الكروية مع قصة إنسانية مؤثرة طبعت حياته إلى الأبد. فرحيل ابنته زانا مارتينيز عن عمر لم يتجاوز تسع سنوات في عام 2019 بعد صراع مرير مع مرض سرطان العظام، كان لحظة مفصلية غيّرت مسار الرجل ومسّت قلوب الملايين حول العالم.
المرض الذي لا يرحم
في شهر مارس من عام 2019، بدأت أعراض المرض تظهر على الطفلة زانا، ولم تمضِ سوى أيام حتى أكّد الأطباء إصابتها بنوع نادر من سرطان العظام، مرض فتاك يُعرف بشراسته وسرعة تطوره. ومنذ اللحظة الأولى، قرر إنريكي التفرغ الكامل لمساندة ابنته، معلنًا استقالته المفاجئة من تدريب منتخب إسبانيا رغم النجاحات التي كان يحققها. ذلك القرار لم يكن مفهوماً للجمهور وقتها، لكن مع مرور الأيام، بدأت ملامح الحقيقة المؤلمة تتضح.
زانا خاضت معركة شرسة مع المرض استمرت خمسة أشهر فقط، لكنها كانت كافية لتكشف قوة شخصية طفلة أحبّت الحياة وتمسكت بها حتى الرمق الأخير. وفي أواخر أغسطس من العام ذاته، أعلن لويس إنريكي بنفسه، من خلال بيان مؤثر، وفاة ابنته الصغيرة، مشيرًا إلى أنها «كانت محاربة شجاعة» وأنهم سيظلون يتحدثون عنها كل يوم «وكأنها لا تزال بينهم».
وداع مؤلم.. وبداية لرحلة مختلفة
جنازة زانا كانت مشهدًا حزينًا شارك فيه عدد من نجوم كرة القدم ومسؤولي الأندية، لكن ما حدث بعدها كان أعمق من أي لحظة وداع. لويس إنريكي لم يعد إلى التدريب مباشرة، بل أخذ فترة طويلة من العزلة والمراجعة، أعاد فيها تقييم أولوياته الحياتية. في تلك الفترة، تحدثت الصحف الإسبانية عن عزوفه عن العودة للملاعب، واعتبرت فقدانه لزانا نهاية لمسيرته كمدرب، إلا أن الرجل عاد أقوى، مسلحًا بروح جديدة ونظرة مختلفة للحياة والمهنة.
عودة الروح في باريس
حين تولّى تدريب باريس سان جيرمان في صيف 2023، كان واضحًا أن إنريكي يحمل هدفًا يتجاوز التتويجات المعتادة. لم يكن الأمر مجرد بناء فريق منافس، بل كان مشروعًا ذا طابع شخصي، فيه من الطموح الكروي بقدر ما فيه من الوفاء الإنساني. وفي موسم 2024–2025، بدأ الفريق الفرنسي رحلة مجيدة انتهت بلقب تاريخي في دوري أبطال أوروبا، بعدما اكتسح إنتر ميلان في النهائي بخماسية نظيفة على ملعب أليانز أرينا في ميونخ.
تكريم زانا في ليلة المجد الأوروبي
لكن الحدث الرياضي الكبير لم يكن خالصًا للكرة فقط. فبعد نهاية المباراة، وبينما احتفل اللاعبون بالإنجاز التاريخي، خطف لويس إنريكي الأضواء بطريقة غير متوقعة. بدلًا من ارتداء بذلته الرسمية، ظهر بقميص خاص يحمل صورة نادرة تجمعه بابنته الراحلة زانا خلال نهائي دوري الأبطال 2015، حين رافقته إلى أرض الملعب كطفلة صغيرة أثناء تتويجه مع برشلونة باللقب.
لم تكن مجرد صورة، بل كانت لحظة رمزية ملأت الأجواء بمشاعر جياشة. جمهور باريس سان جيرمان بدوره رفع «تيفو» ضخمًا يجسد اللحظة ذاتها لكن بألوان النادي الباريسي، وكأن زانا أصبحت جزءًا من روح الفريق وتاريخه الجديد. في تلك اللحظة، لم تكن زانا غائبة، بل كانت حاضرة في الوجدان، في القمصان، في الأغاني، وفي الدموع.
كلمات لا تُنسى
قبل النهائي، وفي تصريحات وثّقها الفيلم الوثائقي الخاص بحياته الذي صدر في 2024، قال إنريكي: «زانا جاءت إلى حياتنا لتمنحنا تسع سنوات رائعة. هناك من يسأل إن كنت محظوظًا أم تعيسًا؟ وأقول: كنت محظوظًا جدًا». تلك الكلمات لم تكن مجرد عزاء ذاتي، بل فلسفة حياة كاملة.
كما كشف عن مشاعر والدته التي لم تستطع الاحتفاظ بصور زانا في المنزل بعد وفاتها، لكنه أصرّ على ضرورة تواجدها قائلًا: «صحيح أنها ليست موجودة فيزيائيًا، لكنها حاضرة روحيًا، لأننا نتحدث عنها ونضحك ونتذكرها كل يوم».
ردود أفعال واسعة من عالم كرة القدم
المشهد المؤثر في النهائي أثار تعاطف رموز اللعبة حول العالم. ريو فيرديناند، الذي فقد زوجته بمرض السرطان، عبّر عن تضامنه العميق مع إنريكي، واصفًا إياه بـ«الرجل الاستثنائي»، مشيرًا إلى أن ما فعله يتجاوز كرة القدم. أما ستيفن جيرارد، فذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن إنريكي بات يستحق أن يُذكر بجانب أساطير التدريب مثل مورينيو وغوارديولا وأنشيلوتي، مؤكدًا أن مشروعه في باريس يثبت عبقريته الفريدة.
إرث زانا.. الحاضر في كل إنجاز
مرّت سنوات على وفاة زانا، لكن ما زال اسمها حاضرًا في كل خطوة يخطوها والدها. وفي كل مرة يُتوَّج فيها إنريكي بلقب أو يحقق إنجازًا جديدًا، يشعر الجميع أن لزانا يدًا خفية تبارك وترافق وتلهم. حتى في تصريحاته الأخيرة، قال إنريكي: «زانا كانت تحب الحفلات. وأنا متأكد أنها ما زالت تُقيم حفلاتها في السماء، وتتابعنا من هناك».
هكذا تحولت مأساة شخصية إلى قصة إنسانية تضيء حياة مدرب، وتُلهم جيلًا من اللاعبين والجماهير. زانا لم تكن مجرد ابنة مدرب، بل أصبحت رمزًا للحب والصمود والوفاء، وصوتًا لا يغيب عن كل إنجاز يُسجّله والدها في سجلات المجد الكروي.
قد يهمك أيضًا: ديانة ديزيري دوي لاعب باريس سان جيرمان.. مسلم أم مسيحي