انتشر بين نشطاء التواصل الاجتماعي، خلال الساعات القليلة الماضية، خبر وفاة دريد لحام الفنان السوري المعروف، وسرعان ما تصدر أسمه الأعلى بحثاً اليوم.
حقيقة وفاة دريد لحام
في مشهد بات مألوفًا في فضاء الإنترنت المزدحم بالإشاعات، طفا على سطح مواقع التواصل الاجتماعي صباح الخميس 29 مايو 2025 خبر هزّ قلوب عشاق الفن العربي الأصيل: “وفاة الفنان السوري دريد لحام”. لم يتطلب الأمر سوى دقائق معدودة حتى بدأت صفحات وحسابات، مجهولة أحيانًا ومقصودة غالبًا، بنسخ الرواية وترويجها على نطاق واسع، مصحوبة بتعليقات حزينة ومؤثرة، بل وبعضها نسب النبأ إلى “مصادر رسمية” كصفحة وزارة الإعلام السورية على فيسبوك.
لكن الحقيقة، كالعادة، أبطلت الزيف.
فعند التدقيق في الحسابات الرسمية للوزارة، تبيّن بوضوح أن الخبر لا أساس له من الصحة، وأن الفنان دريد لحام ما زال حيًّا يُرزق، متحديًا الزمن والإشاعات التي تطاله بين الحين والآخر. ولم يصدر أي بيان رسمي من أسرته أو من الجهات الإعلامية الموثوقة يؤكد ما نُشر، مما يؤكد أن كل ما تم تداوله لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لصيد المشاهدات والمتابعات على حساب قامة فنية تجاوزت الأجيال.
اقرأ أيضًا: كيف استقبلت هالة بيطار زوجة دريد لحام تصريحاته حول زوجاته السابقات وماذا قال عنها؟
من هو دريد لحام؟
حين يُذكر اسم دريد لحام، يتوارد إلى الذهن فورًا صوت “غوار الطوشة”، الشخصية التي حفرت لنفسها مكانًا خالدًا في ذاكرة المشاهد العربي، بلباسه الشعبي ولهجته الدمشقية الأصيلة ومواقفه الساخرة من واقع مرير، استطاع أن يحوله لضحكةٍ ذات معنى. ولد دريد في التاسع من فبراير عام 1934 في حي الأمين الدمشقي، لأبٍ سوري وأم لبنانية من بلدة مشغرة، وبدأ حياته في بيئة بسيطة، لا تعرف الترف، لكنها غرست فيه إصرارًا عجيبًا على النجاح.
درس الكيمياء في جامعة دمشق، وتخرج عام 1958، لكنه لم يلبث أن وجد نفسه مأخوذًا بعالم الفن. فبعد أن عمل مدرسًا ومُحاضرًا في الجامعة، جذبه التلفزيون الوليد في سوريا آنذاك ليخوض تجربة التمثيل، وبمشاركة المبدع نهاد قلعي، قدّم أولى خطواته على شاشة “سهرة دمشق”.
الرسالة قبل الفن
لم يكن دريد مجرد ممثل كوميدي يُضحك الناس فحسب، بل حمل رسائل اجتماعية وسياسية قاسية بين طيات أعماله، خاصة في سبعينيات القرن الماضي، حين قدم أعمالًا مسرحية تلامس الواقع العربي بمرآة ناقدة وساخرة. وكان له من الجرأة ما جعله واحدًا من أكثر الفنانين تأثيرًا في الوعي الشعبي، ليس في سوريا وحدها، بل في عموم الوطن العربي.
سفير الإنسانية
عُرف عن دريد اهتمامه بالطفولة والتعليم. فإلى جانب فنه، شغل منصب سفير النوايا الحسنة لليونيسف لشؤون الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 1999 و2004، حيث سخر شهرته للحديث عن معاناة الأطفال في مناطق النزاع والحروب.
نال خلال مسيرته العديد من الأوسمة، أبرزها وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى عام 1976، ووسام الاستحقاق اللبناني الذي قلده إياه الرئيس إميل لحود في حفل ببيروت عام 2000، تقديرًا لعطائه الثقافي والفني.
دريد لحام وزوجته وأولاده
ورغم الشهرة التي جعلت منه نجمًا على مستوى القارة، لم يغادر دريد لحام بساطته وإنسانيته. تزوج من هالة بيطار، ورزق منها بثلاثة أبناء، وله سبعة أحفاد. لطالما كان بيته العامر في دمشق قبلة للفنانين والأصدقاء، ومأوى لحكايات الفن والضحكة والحكمة.
