إغلاق قناة جزائرية يثير الجدل بسبب مصطلح عنصري مستخدم في تغطية إعلامية

أثار قرار سلطة ضبط السمعي البصري في الجزائر بإغلاق قناة «الشروق نيوز» لمدة عشرة أيام، حالة من الجدل الواسع في الأوساط الإعلامية والأكاديمية، خصوصًا أن القرار جاء تزامنًا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، ما أضفى على الحادثة أبعادًا رمزية ومهنية معقدة.
وقد صدر القرار بعد استخدام القناة لمصطلح «النوغرا» في عنوان أحد تقاريرها حول حملة أمنية ضد مهاجرين غير نظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء، وهو تعبير عامي مشتق من الفرنسية ويُعد توصيفًا عنصريًا لأصحاب البشرة السمراء، ويُنظر إليه بوصفه خطاب كراهية ينطوي على إيحاءات تمييزية تمس الكرامة الإنسانية.
وفي بيان رسمي، طالبت السلطة الوطنية لضبط السمعي البصري إدارة القناة بتقديم اعتذار علني، مؤكدة أن مثل هذا الخطاب الإعلامي يتنافى مع القيم المهنية والأخلاقية، ويخالف قوانين النشر المعمول بها في الجزائر، كما يتعارض مع المبادئ الدولية التي تحكم العمل الإعلامي المسؤول.
من جانبه، أوضح الدكتور العيد زغلامي، أستاذ العلوم السياسية والإعلام، أن الواقعة تمثل جرس إنذار للقطاع الإعلامي، مشيرًا إلى ضرورة رفع مستوى التكوين لدى الصحافيين في المؤسسات الأكاديمية، وتحديث المناهج بما يتماشى مع تحديات العصر الرقمي.
وقال في تصريحات لـ«العربية.نت» إن الصحافي بات مطالبًا بالتدقيق في كل عبارة ينقلها أو يكتبها، نظرًا لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي وتطور الذكاء الاصطناعي، الذي يسهم أحيانًا في إنتاج معلومات مغلوطة أو موجهة بشكل غير مهني.
ورأى زغلامي أن الأزمة تعكس هشاشة الرقابة الذاتية لدى بعض وسائل الإعلام، داعيًا إلى مراعاة المعايير الأخلاقية والمهنية في كل تغطية صحفية، خاصة أن الفضاء الرقمي أصبح ساحة لتصفية الحسابات وترويج الأخبار الكاذبة.
كما نبّه إلى أن استعمال ألفاظ غير مسؤولة في وسائل الإعلام، سواء في البث أو النشر الإلكتروني، قد يؤدي إلى ملاحقة قضائية، وأن التشريعات الحالية بدأت تلاحق هذه الانتهاكات بصرامة.
وذكّر زغلامي بحالات مماثلة حدثت في دول مثل بريطانيا، حيث أدى تمجيد الإرهاب عبر وسائل التواصل إلى توقيف أشخاص ومحاكمتهم، مشيرًا إلى أن احترام القانون واجب على كل إعلامي، وأي إساءة للغير قد تعني تلقائيًا فتح ملفات قضائية.
وتعيد هذه الواقعة الجدل حول حرية التعبير وضوابطها، خصوصًا في ما يتعلق بالمصطلحات المرتبطة بالهجرة والعرق، كما تعكس الحاجة الملحة لإصلاح شامل في آليات الرقابة والتحرير داخل المؤسسات الإعلامية الجزائرية، في ظل بيئة رقمية متغيرة وتحديات سياسية وثقافية متشابكة.