البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري ويحذر من مخاطر مالية وتجارية محتملة

نمو متوقع مدفوع بالاستهلاك والاستثمار
أعلن البنك الدولي عن رفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الجاري 2024-2025 بمعدل 0.3%، لتصل إلى 3.8% بدلًا من التقديرات السابقة، مرجحًا أن يبلغ معدل النمو 4.2% في العام التالي و4.6% بحلول 2026-2027. وعزا البنك هذا التحسن إلى تعافي الاستهلاك الخاص في ظل انحسار الضغوط التضخمية، إلى جانب صعود الاستثمارات الخاصة كمحرك أساسي للنمو.
في المقابل، توقع البنك استمرار معدلات التضخم المرتفعة، لتسجل 20.9% خلال العام الجاري، قبل أن تنخفض تدريجيًا إلى 15.5% في العام المالي المقبل، ثم 12.2% في 2026-2027، مشيرًا إلى أن تلك المعدلات قد تعرقل جهود تحسين القوة الشرائية وتقليص مستويات الفقر.
عجز الموازنة يرتفع بفعل الفوائد وتراجع الإيرادات
توقع البنك الدولي أن يشهد عجز الموازنة المصرية اتساعًا ليبلغ 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2025، مقارنة بـ3.6% في العام السابق، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع مدفوعات الفوائد وتراجع الإيرادات غير الضريبية بعد انتهاء الاستفادة من الإيرادات الاستثنائية المرتبطة بصفقة «رأس الحكمة».
وبالرغم من هذا التدهور المؤقت، رجح البنك أن تستأنف الحكومة مسار الضبط المالي تدريجيًا، ليُسجَّل عجز قدره 6.5% في 2025-2026، ثم 5.5% في العام التالي، معتمدًا على خفض دعم الطاقة وتحسن الإيرادات العامة.
وفي سياق مواز، أشار البنك إلى تراجع الدين العام من 90.1% من الناتج المحلي في 2024 إلى 86.7% في 2025، متوقعًا أن يواصل الهبوط إلى 82.7% ثم 79.4% في العامين التاليين، بدعم من تحقيق فائض أولي وأسعار فائدة حقيقية سالبة خلال معظم فترات السنة المالية المقبلة.
ارتفاع الضمانات واحتياجات تمويل خارجية ضخمة
أبدى البنك الدولي قلقه من الزيادة المطردة في حجم الضمانات الحكومية، التي ارتفعت إلى 34% من الناتج المحلي حتى يونيو 2024، مقارنة بـ28.7% مطلع عام 2023، مرجحًا أن تكون هذه الزيادة مرتبطة بالتمويل خارج الموازنة لتلبية احتياجات قطاع الطاقة، ولضمان استمرارية الكهرباء دون انقطاعات.
وأشار التقرير إلى أن مصر ستواجه التزامات تمويلية خارجية ضخمة، على رأسها سداد 11.1 مليار دولار من الديون الخارجية في الربع الأخير من السنة المالية 2025، بالإضافة إلى متأخرات مستحقة لشركات النفط الأجنبية، ما يجعل من الضروري تعزيز مصادر التمويل عبر الدعم الدولي، وعلى رأسه تمويلات صندوق النقد الدولي وإصدارات سندات اليوروبوند.
عجز الحساب الجاري وتحديات تحويلات العاملين بالخارج
أوضح البنك أن عجز الحساب الجاري مرشح للاتساع إلى 6.3% من الناتج المحلي خلال 2025، نتيجة زيادة واردات الغاز وتباطؤ إيرادات قناة السويس، مضيفًا أن انخفاض أسعار النفط والغاز عالميًا قد يخفف من حدة الضغوط، لكنه قد يُقابل بتراجع في تحويلات المصريين بالخارج، خاصة من دول الخليج التي تواجه ضغوطًا مالية.
كما أشار البنك إلى أن معدل نمو نصيب الفرد لا يزال محدودًا في ظل التضخم المرتفع، ما يعيق جهود الدولة في تقليص نسب الفقر، مؤكدًا أن هذه المعدلات مرشحة للاستقرار خلال عام 2025، على الرغم من الحزمة الاجتماعية التي أقرتها الحكومة في فبراير الماضي.
في ختام التقرير، حذّر البنك الدولي من عدة مخاطر قد تهدد الاقتصاد المصري، منها استمرار الصراع في الشرق الأوسط، والضبابية التي تكتنف التجارة العالمية، إضافة إلى احتمالات تعثر الإصلاحات المالية والهيكلية الجارية، ما قد ينعكس سلبًا على ثقة المستثمرين واستدامة التعافي الاقتصادي.