أخبار الذهب

الذهب يحلق فوق 3500 دولار وسط هجوم ترامب على الفيدرالي وقلق الأسواق العالمية

سجّل الذهب قفزة تاريخية غير مسبوقة بوصوله إلى 3500 دولار للأونصة، مدفوعًا بتصاعد التوتر بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ما ألقى بظلاله على استقرار الأسواق وأثار المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الأميركي ومصداقية السياسة النقدية.

قفز المعدن الأصفر بنسبة 2% مسجلًا 3500.10 دولار للأونصة، في أعلى مستوى على الإطلاق، مدفوعًا بإقبال واسع من المستثمرين على الأصول الآمنة وسط تجدد المخاوف من تدهور الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة، بعد تصعيد ترامب لهجومه على البنك المركزي الأميركي عبر منصته “تروث سوشيال”، واصفًا باول بـ«السيد المتأخر جدًا»، ومطالبًا بخفض عاجل للفائدة.

تزامن ذلك مع تراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات، وارتفاع الين الياباني إلى 140 ينًا مقابل الدولار، في مؤشرات تعكس قلقًا عالميًا من تصعيد سياسي قد يخل بتوازن السياسات النقدية في أقوى اقتصاد بالعالم.

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز»، فإن تصاعد ضغط ترامب على باول أثار قلق المستثمرين بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما دفع بأسعار الذهب للارتفاع، كما صرحت إيفا مانثي، خبيرة السلع في بنك ING، التي أكدت أن تلك التطورات دفعت المستثمرين نحو الذهب بوصفه ملاذًا تقليديًا وقت الأزمات.

في السياق ذاته، حذر تريفور غريثام، رئيس إدارة الأصول المتعددة في Royal London Asset Management، من أن أي تهديد لاستقلالية “الفيدرالي” يُعد ضربة قوية لمصداقية المؤسسات المالية الأميركية، في وقت يواجه فيه الاقتصاد ضغوطًا متزايدة بسبب الحرب التجارية وارتفاع التضخم.

أدى هجوم ترامب المتجدد إلى موجة من التراجع في مؤشرات الأسواق، حيث خسر مؤشر S&P 500 نسبة 2.4%، فيما أغلق مؤشر ناسداك على انخفاض 2.6%، كما تراجع مؤشر Stoxx Europe 600 بنسبة 0.6% خلال تداولات الصباح، وسط توقعات بتحسن محدود عند افتتاح وول ستريت لاحقًا.

يأتي هذا في ظل ما وصفه محللو بنك MUFG بـ”البيع الثلاثي”، في إشارة إلى تراجع الدولار الأميركي، وسندات الخزانة، والأسهم، ما يعكس حالة من التوتر وعدم اليقين المتزايدين في الأسواق العالمية.

ورغم انتعاشة طفيفة سجلها الدولار يوم الثلاثاء بنسبة 0.1% أمام سلة العملات الرئيسية، إلا أنه يظل منخفضًا بأكثر من 9% منذ بداية العام، ما يعكس حجم الضغوط الاقتصادية والمالية المتراكمة.

أما في سوق السندات، فقد ظلت التحركات ضمن نطاق ضيق، مع ارتفاع طفيف في عائد السندات الأميركية لأجل عشر سنوات إلى 4.42%، وسط مخاوف من انهيار الثقة في أدوات الدين الأميركية التي تُعد العمود الفقري للنظام المالي العالمي، وتبلغ قيمتها نحو 29 تريليون دولار.

ترامب، الذي سبق له مرارًا انتقاد جيروم باول بسبب تباطؤه في خفض الفائدة، يواصل الضغط السياسي على “الفيدرالي” رغم تأكيد الأخير في أكثر من مناسبة أن قراراته تستند إلى معايير اقتصادية بحتة ولن تتأثر بالسياسة.

ومنذ بداية 2025، لم يُقدم البنك المركزي الأميركي على أي تغيير في أسعار الفائدة، بعد أن خفّضها ثلاث مرات خلال 2024، أبرزها خفض كبير بمقدار نصف نقطة مئوية في سبتمبر، في محاولة لتخفيف آثار الرسوم الجمركية والتضخم.

مع تصاعد القلق العالمي، تحول الذهب إلى ملاذ استثماري بارز، حيث ارتفع بنسبة 33% منذ بداية العام، وشهدت صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب تدفقات ضخمة تجاوزت 19 مليار دولار في الربع الأول فقط، وفق بيانات بنك ستاندرد تشارترد.

وأكد ألكسندر زومفه، تاجر المعادن في شركة Heraeus، أن الطلب على الذهب المادي يواصل الصعود، خاصة في الأسواق الآسيوية، مشيرًا إلى ارتفاع الاهتمام الفردي به في أوروبا وتحديدًا في ألمانيا خلال عطلة عيد الفصح.

في ظل ارتفاع الأصوات المحذرة من تأثير التدخل السياسي على مصداقية الفيدرالي، تبقى الأنظار مشدودة إلى اجتماع البنك المقبل في مايو، وسط توقعات بأن يواجه باول تحديًا صعبًا في الحفاظ على التوازن بين استقلالية القرار النقدي وضغوط الإدارة السياسية.

وفي الوقت ذاته، يبدو أن المعدن النفيس سيواصل جذب المستثمرين الباحثين عن الأمان وسط مشهد اقتصادي وسياسي غائم، لا سيما مع عودة دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية وتحوله مجددًا إلى عامل ضغط رئيسي على الأسواق الأميركية والعالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى