الذهب يكسر مستوياته القياسية وسط تهاوي الدولار وتزايد المخاوف العالمية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعات غير مسبوقة تخطت بها مستوياتها التاريخية، وسط تزايد الطلب على الملاذات الآمنة في ظل التوترات الاقتصادية العالمية، ما دفع مؤسسات مالية عالمية إلى تحديث مستهدفاتها السعرية للمعدن الأصفر بشكل متكرر، بالتزامن مع تراجع كبير في قيمة الدولار الأميركي وموجة بيع واسعة لأذون الخزانة.
التصعيد الحاد في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة أثار مخاوف واسعة من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود، الأمر الذي دفع المستثمرين للعودة إلى الذهب كملاذ تقليدي آمن رغم ارتفاع سعره لأكثر من ضعفي قيمته قبل عامين فقط، ما لم يمنع الإقبال المتزايد عليه.
وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 2.35% ليصل إلى 3404.96 دولار للأونصة، كما صعدت العقود الأميركية الآجلة بنسبة 2.51% إلى 3412.10 دولار، وفقًا لما نقلته «رويترز»، مدعومًا بانخفاض حاد في قيمة الدولار الذي تراجع لأدنى مستوياته منذ أكثر من ثلاث سنوات بعد هجوم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على رئيس الفيدرالي جيروم باول.
في السياق ذاته، وجّهت الصين تحذيرات للدول من الدخول في اتفاقيات اقتصادية موسعة مع الولايات المتحدة على حساب مصالحها، مما أضاف مزيدًا من الغموض على المشهد الاقتصادي العالمي.
المحلل جيوفاني ستونوفو من «يو بي إس» قال إن المخاوف المستمرة بشأن مستقبل الدولار كعملة احتياط تدعم ارتفاع الذهب، متوقعًا أن يصل سعر الأونصة إلى 3500 دولار خلال الأشهر المقبلة، مع تراجع شهية المخاطرة وانخفاض أداء أسواق الأسهم.
في المقابل، رفع «غولدمان ساكس» توقعاته لسعر الذهب إلى 4000 دولار للأونصة، بعد أن كان قد قدّر سابقًا أن يصل إلى 3800 دولار بحلول 2026، مشيرًا إلى أن مشتريات البنوك المركزية قد ترتفع إلى 80 طنًا شهريًا، ما يعزز اتجاه الأسعار للصعود في حال زيادة التدفقات الاستثمارية إلى الصناديق المدعومة بالذهب.
من جهتها، توقعت «يو بي إس» استمرار الطلب القوي من مختلف الجهات مثل البنوك المركزية ومديري الأصول وصناديق التحوط والمستثمرين الأفراد، مدفوعًا بالاضطرابات السياسية والتجارية العالمية، معتبرة أن الذهب لا يزال يمتلك مساحة للصعود مع ضعف مستويات التعرض الحالية له.
أما «بنك أوف أميركا» فقد أشار إلى احتمالية رفع مستهدفاته السعرية للذهب فوق حاجز 3500 دولار خلال العامين المقبلين، فيما أعلن «دويتشه بنك» عن متوسط متوقع يبلغ 3139 دولارًا لعام 2025 و3700 دولار لعام 2026، مدفوعًا بزيادة طلب البنوك المركزية وتراجع الإقبال على سندات الخزانة الأميركية.
الاهتمام بالمعدن الأصفر لم يقتصر على المؤسسات، إذ قال الملياردير المصري نجيب ساويرس إنه يواصل ضخ استثماراته في الذهب، متوقعًا أن يصل إلى 5000 دولار للأونصة خلال عام أو اثنين، مبررًا ذلك بتوجه الاقتصاد الأميركي نحو الركود وتأثير قرارات ترامب التجارية، مما قد يدفع الفيدرالي لتقليص الفائدة.
أما المؤلف الأميركي الشهير روبرت كيوساكي فقد ذهب أبعد من ذلك، متنبئًا بوصول الذهب إلى 30 ألف دولار للأونصة والفضة إلى 3000 دولار للقطعة، في إطار توقعاته بحدوث تحولات اقتصادية كبرى بحلول عام 2035، مؤكدًا أن من يستثمر الآن في الذهب سيجني أرباحًا غير مسبوقة.
وبينما يتصاعد الزخم حول الذهب كمخزن للقيمة في وجه الأزمات، تبقى التحولات الاقتصادية والجيوسياسية هي العوامل الحاسمة التي ستحدد ما إذا كانت هذه التوقعات الجريئة ستتحقق أم لا.