وفاة الشاعر سعد البواردي.. من هو سعد عبدالرحمن البواردي

وفاة الشاعر سعد البواردي.. من هو سعد عبدالرحمن البواردي، حيث غيّب الموت اليوم الشاعر والأديب السعودي سعد بن عبد الرحمن البواردي، أحد أبرز رموز الثقافة والأدب في المملكة، عن عمر يناهز 95 عامًا، وذلك بعد مسيرة زاخرة بالعطاء امتدت لأكثر من ستة عقود، تنقّل فيها بين ميادين الفكر والشعر والصحافة، وترك خلالها بصمة لا تُمحى في المشهد الثقافي السعودي والعربي.
من هو سعد عبدالرحمن البواردي: البداية من شقراء.. وملامح النشأة الأولى
وُلد سعد البواردي في محافظة شقراء عام 1930، وسط بيئة محافظة مثقلة بالتراث والهوية، وكان والده أميرًا للمنطقة وشاعرًا شعبيًا، مما شكّل نواة التأثير الأولى في حياة الشاب اليافع. بعد وفاة والده وهو في سن الثالثة عشرة، انتقل لمواصلة تعليمه بين عنيزة والطائف حيث التحق بمدرسة دار التوحيد التي ساهمت في بلورة رؤاه الفكرية وبداياته الأدبية. لاحقًا، دفعته الظروف إلى المنطقة الشرقية للعمل، فتقلّب بين مهن بسيطة مثل بيع قطع غيار السيارات، قبل أن يجد طريقه إلى الكتابة والصحافة.
منابر الثقافة.. ومسيرة وظيفية حافلة
شغل البواردي العديد من المناصب البارزة داخل مؤسسات الدولة، من إدارة العلاقات العامة بوزارة المعارف إلى سكرتارية المجلس الأعلى للتعليم، كما تولّى إدارة مجلة «المعرفة» الرسمية، ثم أُوفد لاحقًا كملحق ثقافي للسعودية في بيروت والقاهرة، وظل في هذا المنصب حتى تقاعده عام 1989، جامعًا بين الحضور الرسمي والثقافي في آنٍ واحد.
مجلة «الإشعاع».. البداية الصحفية الحقيقية
عام 1955 أسّس سعد البواردي مجلة «الإشعاع» في مدينة الخبر، لتكون إحدى أوائل المنصات الصحفية الأدبية في المنطقة الشرقية، وقد صدرت في ظروف صعبة وبميزانية ذاتية، حيث كان يتحمّل تكاليف الطباعة من راتبه الشخصي، ويكتب معظم محتواها بأسماء مستعارة. ورغم عمرها القصير، شكّلت المجلة علامة فارقة في الصحافة الأدبية المبكرة بالمملكة.
شاعر وإنسان.. صوت الواقع ووجدان المجتمع
تميّز البواردي بأسلوب شعري واقعي عميق، فجمع بين القصيدة الحرة والنص النثري، وبين المقالة الاجتماعية والخواطر الوجدانية، كما كتب القصة القصيرة، وكان من أوائل من وظّفوا الشعر لخدمة القضايا الإنسانية والوطنية. من أبرز أعماله الشعرية: «أغنية العودة»، و«صفارة الإنذار»، و«إبحار ولا بحر»، و«قصائد تتوكأ على عكاز»، و«رباعياتي»، إضافة إلى ديوانه الإنساني «قصائد تخاطب الإنسان».
أما في النثر، فقد أثمرت تجربته عن عشرات المؤلفات، من أبرزها «ثرثرة الصباح»، و«استراحة في صومعة الفكر»، و«كلمات للحياة»، و«أفكار مضغوطة»، كما نشر مجموعة قصصية بعنوان «شبح من فلسطين»، ودوّن سيرته الذاتية في عمله «شريط الذكريات».
تكريم وطني.. وتفاعل واسع لرحيل المثقف الرائد
نال البواردي في حياته تكريمًا وطنيًا رفيعًا حين منحه الملك سلمان بن عبد العزيز وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عام 2014، تقديرًا لإسهاماته الفكرية والثقافية على مدى 60 عامًا. كما كُرّم في مهرجان الجنادرية الثقافي في دورته التاسعة والعشرين.
وقد شهد خبر وفاته تفاعلًا واسعًا في الأوساط الأدبية والثقافية، حيث نعاه عدد كبير من المثقفين، وكتب عنه الأديب حمد القاضي: «غيّب الموت اليوم الرائد الأديب الشاعر سعد البواردي رحمه الله… أحد رواد الصحافة والثقافة في بلادنا».
إرث خالد.. وقصائد تنتظر النشر
قبل وفاته، كشف البواردي عن امتلاكه عدداً من الأعمال غير المنشورة، من بينها دواوين شعرية ومؤلفات فكرية مثل: «من يشتري التاريخ مني»، و«عفوًا بغداد»، و«عازف على قيثارة الزمن»، و«الموجة قادمة من القاع»، ما يشير إلى حجم الزخم الإبداعي الذي ظل يرافقه حتى آخر سنوات عمره.
وفاة الشاعر سعد البواردي
في صباح الأحد 22 شوال 1446هـ الموافق 20 أبريل 2025م، أسدل الستار على حياة سعد البواردي، لكن صوته سيظل حيًا في ذاكرة الأدب السعودي، إذ لم يكن مجرد شاعر أو أديب، بل مثقفًا موسوعيًا حمل هموم الوطن والإنسان، وعبّر عنها بحروف مشرقة لا تعرف الانطفاء.
وفاة الأديب والشاعر #سعد_البواردي.
— أخبار السعودية (@SaudiNews50) April 20, 2025
– pic.twitter.com/P6G65n2Da1