الذهب يتجاوز 3300 دولار لأول مرة مدفوعًا بتوترات تجارية عالمية وقرار ترامب بشأن المعادن

سجلت أسعار الذهب العالمية قفزة قياسية جديدة، متجاوزة حاجز 3300 دولار للأونصة للمرة الأولى، مدفوعة بتزايد الطلب على أصول الملاذ الآمن بعد قرارات سياسية أميركية أثارت توتر الأسواق.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 2.7% ليصل إلى 3314.29 دولار للأونصة بحلول الساعة 08:25 بتوقيت غرينتش، بعد أن بلغ ذروته عند 3317.90 دولار في وقت سابق من الجلسة، كما صعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 2.8% لتصل إلى 3330.30 دولار، وفقًا لوكالة «رويترز».
جاء هذا الارتفاع في أعقاب أمر أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء بإجراء مراجعة عاجلة بشأن إمكانية فرض رسوم جمركية إضافية على واردات المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة، في خطوة اعتُبرت تصعيدًا جديدًا ضد الصين، تزامنًا مع مراجعات مماثلة تشمل واردات الأدوية والرقائق الإلكترونية.
مخاوف متصاعدة وتحرك نحو الملاذات الآمنة
وقال أوليه هانسن، مدير استراتيجية السلع الأولية في «ساكسو بنك»، إن الإجراءات الأخيرة من البيت الأبيض تعكس استمرار الحرب التجارية دون أي مؤشرات على التهدئة، مما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأسهم واللجوء إلى أصول أكثر أمانًا مثل الذهب.
من جهتها، رفعت مؤسسة «إيه.إن.زد» توقعاتها لسعر الذهب إلى 3500 دولار خلال ستة أشهر، و3600 دولار بنهاية العام الحالي، في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية العالمية.
وتزامنًا مع القرار الأميركي، أعلنت وزارة التجارة فرض قيود تصديرية جديدة على بعض أنواع رقائق الذكاء الاصطناعي الموجهة للسوق الصينية، ما تسبب في موجة تراجع حادة في الأسواق الآسيوية، وعمّق من المخاوف بشأن تصاعد النزاع التجاري بين واشنطن وبكين.
في المقابل، ردّت بكين عبر توجيه شركات الطيران التابعة لها بعدم استلام شحنات إضافية من طائرات بوينغ الأميركية، ما ساهم في تأجيج التوتر.
ضعف الدولار يعزز مكاسب الذهب
انخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.5% أمام سلة من العملات الرئيسية، الأمر الذي دعم أسعار الذهب عبر تقليل كلفته لحاملي العملات الأخرى.
وأضاف هانسن أن الفوضى الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية والقلق المتزايد بشأن الديون العالمية والانكماش المحتمل، كلها عوامل تُعزز مكانة الذهب كملاذ آمن، في ظل تنويع البنوك المركزية لحيازاتها بعيدًا عن الدولار.
وأكد تيم ووترر، كبير المحللين في «كيه.سي.إم تريد»، أن تراجع الدولار واستمرار حالة العزوف عن المخاطرة في الأسواق العالمية يساهمان في تعزيز جاذبية الذهب بشكل واضح.
مستويات تاريخية وتدفقات استثمارية قياسية
ووفقًا لكبير استراتيجيي الأسواق في شركة Exness، وائل مكارم، فإن الذهب ارتفع بنسبة 25% منذ بداية العام وحتى الآن، مستفيدًا من تصاعد التوترات التجارية وسياسات الرسوم الجمركية الأميركية.
وأشار مكارم إلى أن صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (ETFs) سجلت ثاني أعلى معدل تدفقات في الربع الأول من هذا العام منذ أزمة جائحة كوفيد-19، ما يعكس تنامي حالة القلق التي تسود الأوساط الاستثمارية حاليًا.
وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أوضح مكارم أن تحديد مستويات مستهدفة لسعر الذهب بات أمرًا صعبًا في ظل اختراقه لمستويات قياسية جديدة، مرجحًا الاعتماد على التحليل الفني لتقدير مستويات المقاومة، لكنه لفت إلى أن معظم المستثمرين لا يُفكرون في التخلي عن مراكزهم في الوقت الراهن.
وفي الأسواق الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 2.4% إلى 33.07 دولار للأونصة، بينما تراجع البلاتين بنسبة 0.3% إلى 957.05 دولار، وهبط البلاديوم بنسبة 0.1% إلى 970.43 دولار للأونصة، في ظل تحركات غير مستقرة تأثرت بالطلب على المعادن الصناعية وتوجهات المستثمرين نحو الأصول الأكثر أمانًا.