مصر تطلق مشروع «المرصد الفلكي الجديد» بسيناء ليصبح الأكبر في الشرق الأوسط

في خطوة علمية جريئة تعكس طموحات مصر المستقبلية في مجال علوم الفضاء والفلك، تسابق الدولة الزمن لإنهاء أعمال إنشاء المرصد الفلكي الجديد، الذي يأتي بديلاً لمرصد القطامية المتأثر بالزحف العمراني، على أن يصبح المشروع المرتقب هو الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط.
مرصد القطامية.. إرث علمي عريق
ويُعد مرصد القطامية الفلكي أحد المعالم العلمية البارزة في مصر والمنطقة، حيث تم إنشاؤه عام 1964 تحت إشراف المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان، ليكون امتدادًا لمرصد حلوان الذي يرجع تاريخه إلى عام 1903. ويضم المرصد أكبر تلسكوب في المنطقة العربية وأفريقيا بمرآة قطرها 188 سم، بالإضافة إلى تلسكوب أصغر بمرآة قطرها 35 سم، وقد خدم لعقود في دعم البحوث والدراسات الفلكية.
ويقع المرصد القديم على بعد نحو 80 كم من القاهرة في اتجاه طريق العين السخنة، فوق جبل بارتفاع 468 مترًا، لكنه تأثر بمرور الوقت بالزحف العمراني والتلوث الضوئي، ما استدعى التفكير في إنشاء بديل علمي متطور يتلاءم مع متطلبات الرصد الفلكي الحديث.
المرصد الجديد على قمة جبل الرجوم
واستقر العلماء على إنشاء المرصد الجديد فوق قمة جبل الرجوم بجنوب سيناء، وهو أحد أعلى عشرين قمة جبلية في مصر بارتفاع يبلغ نحو 1650 مترًا فوق سطح البحر، ليكون الموقع المثالي للهروب من التلوث الضوئي وضمان نقاء الأجواء لرصد الظواهر الكونية بدقة عالية.
وقد صدر قرار رئيس الوزراء رقم 2265 لسنة 2016 بتشكيل لجنة خاصة لإنشاء المرصد، ووُضع حجر الأساس رسميًا في أبريل 2024، ليبدأ المشروع الذي يعكف عليه المعهد القومي للبحوث الفلكية بكل اهتمام، تحت إشراف نخبة من العلماء والفنيين أبرزهم الدكتورة هادية سليم، والدكتور يسري عزام، وعدد من المتخصصين في علوم الرصد والتحليل.
اختبارات دقيقة وتحليلات علمية مستمرة
وبدأت أعمال تجهيز الموقع عبر تركيب أجهزة اختبارات متقدمة لقياس الخصائص المناخية والفلكية للموقع على مدار عامين، تشمل كل الفصول المناخية لضمان دقة النتائج وتأكيد صلاحية المكان لإقامة المرصد، ويتم تحليل البيانات المرسلة عبر الأقمار الصناعية إلى مقر المعهد بحلوان، وسط متابعة دقيقة من الخبراء.
ويُعد هذا الموقع من أنسب المواقع في مصر والمنطقة لإقامة مرصد فلكي حديث، حيث يجمع بين العزلة النسبية والارتفاع الشاهق، مما يعزز من جودة الرصد الفلكي ويقلل من التشويش الضوئي.
مرآة عملاقة ومدينة فلكية متكاملة
ويُنتظر أن يُزود المرصد الجديد بمنظار فلكي ضخم يحمل مرآة قطرها 6.5 متر، ليصبح الأضخم في الشرق الأوسط، ويُحدث نقلة نوعية في قدرات مصر الفلكية، سواء في تتبع الكواكب والنجوم أو في دعم أبحاث الفضاء.
كما يشمل المشروع إنشاء مدينة فلكية متكاملة تضم تخصصات البصريات والفلك الراديوي، إلى جانب تطوير أقسام بحثية تتماشى مع أحدث ما وصل إليه العلم في مجالات الفيزياء الفلكية وتكنولوجيا الرصد.
ويفتح المشروع بابًا واسعًا أمام الباحثين المصريين والعرب للمشاركة في الاكتشافات الكونية، ويعزز من موقع مصر كمركز إقليمي متقدم في علوم الفضاء، ويعيدها إلى واجهة المشهد العلمي العالمي من بوابة الرصد الفلكي.