تقارير

تجربة مجنونة.. طبيب يتحدى الطب ويأكل اللحم النيء 35 يومًا!

في مطبخ متواضع تعود أجواؤه إلى القرن التاسع عشر، اتخذ الطبيب “نيكولاس سنو” قرارًا صادمًا، حين وقف أمام قطعة لحم حمراء نيئة تمامًا، دون ملح أو توابل أو حتى طهو، وقرر ابتلاعها كما هي.

ورغم التحذيرات الطبية المنتشرة في ذلك الوقت، التي كانت تعتبر أكل اللحم النيء مخاطرة قاتلة، أصر سنو على خوض واحدة من أغرب التجارب التي شهدها تاريخ الطب.

كانت خطته بسيطة وصادمة في آن واحد: تناول اللحم النيء يوميًا لمدة 35 يومًا متواصلة. مع كل وجبة، كان يلتهم القطعة كما جاءت من الجزار، متحديًا كل ما آمن به المجتمع الطبي في عصره.

وبعد أربعة أيام فقط، بدأت أولى الإشارات التحذيرية تظهر على جسده: آلام حادة في البطن، إسهال متكرر، غثيان ودوار. ومع ذلك، لم يتراجع. بل حوّل التجربة إلى مشروع علمي حي، يدون فيه كل عرض، ويراقب كل تغير بدقة وكأنه يحلل جسده كما لو كان عينة مختبر.

مرت الأيام، وبدأ التعب يرسم ملامحه على وجه سنو. فقد الوزن، شحب اللون، وانخفضت طاقته بشكل ملموس. لكن على الرغم من التحذيرات الصريحة من أصدقائه الأطباء بأنه يقترب من نهاية مؤلمة، استمر في التجربة بكل عناد.

وعندما أتى اليوم الخامس والثلاثون، أنهى سنو آخر لقمة من اللحم النيء، وهو يلتقط أنفاسه المتبقية. نجا من الموت، لكنه لم يخرج سالمًا. فقد كشفت التجربة عن مخاطر لا تُرى بالعين المجردة: البكتيريا والطفيليات التي تتربص داخل الطعام النيء، والتي لا تُظهر أثرها القاتل فورًا.

تجربة سنو المثيرة دفعت المجتمع الطبي إلى إعادة النظر في مفهوم الطهو، ليس كطقس اجتماعي، بل كوسيلة ضرورية للبقاء.

وساهمت ملاحظاته في فتح الأبواب أمام بحوث معمقة حول أمراض مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية وداء المقوسات، مما أدى لاحقًا إلى صياغة قوانين ومعايير صارمة لسلامة الأغذية.

ما فعله نيكولاس سنو لم يكن مجرد تحدٍ جامح، بل كان حجر الأساس لمفهوم غذائي جديد، يؤمن أن نار الطهو ليست فقط للنكهة، بل لحماية الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى