اقتصاد
الأكثر تداولاً

تغيرات اقتصادية مرتقبة.. كيف ستتحرك السيولة بعد خفض الفائدة في مصر؟

مع تراجع معدلات التضخم في مصر خلال فبراير الماضي، باتت الأنظار تتجه نحو القرارات المقبلة للبنك المركزي، وعلى رأسها خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.

وهذا التحرك يثير تساؤلات عديدة حول مصير السيولة الضخمة التي استثمرها المواطنون في الشهادات مرتفعة العائد، والتي كانت قد طرحتها البنوك الكبرى في يناير 2024.

ومع بدء استحقاق هذه الشهادات، أصبح السؤال الأهم: أين ستتجه هذه الأموال؟ وهل ستبحث عن ملاذات استثمارية أخرى مثل الذهب والعقارات والبورصة؟

تحولات استثمارية منتظرة

توقع خبراء اقتصاديون أن يؤدي خفض الفائدة إلى تغير في خريطة الاستثمارات، حيث قد يتجه بعض أصحاب المدخرات نحو قنوات استثمارية بديلة، في حين سيُفضل آخرون تجديد الشهادات بأرباح أقل حفاظًا على دخل دوري ثابت.

ومع ذلك، فإن الاستثمارات في العقارات والذهب وسوق الأوراق المالية تبدو الأقرب لجذب شريحة من أصحاب المدخرات الباحثين عن العوائد المرتفعة.

الذهب والعقارات.. الملاذات الآمنة تترقب التدفقات المالية

يرى سامح الترجمان، الرئيس التنفيذي لشركة إيفولف للاستثمار القابضة، أن الذهب والعقارات مرشحان بقوة لاستقطاب جزء من السيولة المتوقع خروجها من الشهادات البنكية.

فمع استمرار حالة عدم اليقين العالمي جراء النزاعات السياسية والأزمات الاقتصادية، يظل الذهب من أهم الأدوات الاستثمارية للحفاظ على القيمة.

ويؤكد الترجمان أن الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب يعزز جاذبيته، لا سيما بعد وصوله إلى مستويات قياسية عالميًا متجاوزًا حاجز 3 آلاف دولار للأونصة، وهو ما يجعله خيارًا آمنًا للعديد من المستثمرين.

أما العقارات، فقد أثبتت على مدار العقود الماضية أنها أكثر الاستثمارات استقرارًا وربحية على المدى الطويل.

ووفقًا لـ أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، فإن القطاع العقاري قادر على استيعاب جزء كبير من السيولة المنتظرة، بفضل العروض الترويجية القوية والطلب المستمر على الوحدات السكنية.

إلا أن قدرة المستثمرين على الدخول إلى السوق العقاري تعتمد على مستوى الأسعار المرتفعة حاليًا، مما قد يجعل البعض يتجه إلى الاستثمار في الذهب أو أدوات مالية أكثر سيولة.

البورصة المصرية.. فرصة استثمارية واعدة

ومن جانبها، تؤكد رندا حامد، العضو المنتدب لشركة عكاظ لإدارة المحافظ المالية، أن البورصة المصرية قد تكون المستفيد الأكبر من تدفق السيولة بعد خفض الفائدة. فمع تحسن المؤشرات الاقتصادية، مثل تراجع الدين العام وإطلاق الطروحات الحكومية الجديدة، وتحسن مؤشر مدير المشتريات، من المتوقع أن تشهد السوق المالية انتعاشة قوية.

وتشير حامد إلى أن الفائدة المرتفعة التي قدمتها البنوك العام الماضي جذبت أموالًا ضخمة من مستثمري البورصة، لكن مع انخفاض العوائد المتوقعة من الشهادات، فإن سوق الأسهم قد تستعيد جاذبيتها، خاصة مع الاتجاه الحكومي لإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية، ما يعزز جاذبية السوق للمستثمرين.

استثمارات الدخل الثابت.. خيار آمن لفئة محددة

ويرى شريف سامي، رئيس الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار، أن الاستثمارات في أدوات الدخل الثابت ستظل خيارًا مفضلًا لشريحة واسعة من المودعين، خصوصًا كبار السن الباحثين عن دخل ثابت. وعلى الرغم من خفض الفائدة، فإن الأدوات المالية مثل وثائق الصناديق النقدية وسندات وأذون الخزانة توفر عوائد مستقرة وسهولة في التسييل، وهو ما يجعلها خيارًا جذابًا مقارنة بالعقارات أو الذهب.

كيف ستتوزع السيولة بين القطاعات؟

ويتوقع هاشم السيد، الرئيس التنفيذي لصندوق المصريين للاستثمار العقاري، أن يتم تجديد 70% من الشهادات، حتى مع انخفاض الفائدة، في حين سيتوجه نحو 15% من السيولة إلى سوق العقارات، وما لا يقل عن 10% إلى الذهب، بينما قد تستفيد البورصة من تدفقات مالية جديدة مع تحسن العوامل الاقتصادية.

تحديات تواجه المستثمرين في مصر

ويشير سامح الترجمان إلى أن المشكلة الأساسية التي يواجهها المستثمرون الأفراد في مصر هي محدودية الأدوات الاستثمارية، حيث تظل الخيارات محصورة بين الشهادات البنكية والعقارات والذهب والبورصة، مما يقلل من تنوع المحافظ الاستثمارية.

كما أن ارتفاع أسعار الذهب حاليًا يجعل الاستثمار فيه صعبًا بالنسبة للبعض، في حين أن العقارات تعاني من ضعف السيولة، حيث يصعب بيع الأصول بسرعة عند الحاجة إلى المال، وهو ما يتطلب تخطيطًا طويل الأمد للمستثمرين الراغبين في الدخول لهذا السوق.

ماذا بعد خفض الفائدة؟

ومع اقتراب البنك المركزي من اتخاذ قراره بخفض الفائدة، تبدو الصورة الاستثمارية في مصر على أعتاب تحول كبير.

وبينما يظل تجديد الشهادات هو الخيار الأساسي للغالبية، فإن العقارات والذهب والبورصة جاهزة لاستقطاب شريحة من السيولة الباحثة عن عوائد مرتفعة.

ويبقى القرار النهائي مرتبطًا بالأهداف الاستثمارية لكل فرد، حيث تتفاوت الخيارات بين الأمان في الدخل الثابت، والفرص في الأسهم، والحماية في الذهب، والاستثمار طويل الأجل في العقارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى