من هو كاتب اوبريت فارس التوحيد؟

من هو كاتب اوبريت فارس التوحيد؟ فعندما يمر اسم الأمير بدر بن عبد المحسن في الأذهان، تتداعى على الفور صور القصائد التي أشرقت كالنور في فضاء الشعر العربي، حيث امتزجت المشاعر الوطنية بالعاطفة، وذابت الكلمات في لحن الفخر، ليبقى صوته حاضرًا في كل مناسبة وطنية وموقف إنساني. قصائده لم تكن مجرد أبيات مكتوبة، بل كانت صوتًا يعبّر عن الوطن، يحمله الفنانون في ألحانهم، ويردده السعوديون في احتفالاتهم، حيث أصبح شعره جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمملكة.
وبين قصائده المترنحة بين العذوبة والصلابة، برزت أعمال وطنية حفرت اسمها في التاريخ، فمن «فوق هام السحب» التي باتت نشيدًا وطنيًا غير رسمي للسعوديين، إلى «عز الوطن» التي ترددها الأجيال بحب وانتماء، استمرت رحلته في نقش سطور الوطن بالكلمات. إلا أن هناك عملًا وطنيًا ملحميًا، ظل يتردد على الألسنة، حيث يتساءل الكثيرون عن كاتبه الحقيقي.. إنه أوبريت «فارس التوحيد».
من هو كاتب اوبريت فارس التوحيد؟
أوبريت «فارس التوحيد» ليس مجرد عمل فني، بل هو تأريخ موسيقي لمسيرة تأسيس المملكة العربية السعودية، وقد جُسّد هذا العمل الكبير عام 1999 بمناسبة مرور 100 عام على توحيد المملكة، حيث كُتب بأسلوب فريد يجمع بين الفصحى والعامية، ليحاكي الماضي بعظمة الشعر العربي، ويصل للحاضر بنبض الشعر الشعبي.
الكاتب الذي أبدع هذه الملحمة الخالدة لم يكن سوى الأمير بدر بن عبد المحسن، الشاعر الذي جعل من كلماته أجنحة تحلّق بها السعودية في سماء الفخر.
الأمير بدر بن عبد المحسن.. شاعر الوطن وصوت الفخر
ولد الأمير بدر بن عبد المحسن في الرياض عام 1949، ونشأ في كنف أسرة ملكية ارتبطت بالثقافة والفنون، حيث كان والده الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود مهتمًا بالأدب، مما ساهم في تشكيل وعيه الشعري منذ الصغر. تلقى تعليمه في عدة دول منها مصر وبريطانيا والولايات المتحدة، ما جعله يمتلك رؤية شعرية متميزة تمزج بين الأصالة والمعاصرة.
وعُرف الأمير بدر بأنه «مهندس الكلمة»، نظرًا لطريقته الفريدة في صياغة القصائد، حيث كانت كلماته تنبض بروح الحداثة دون أن تفقد هويتها العربية، ما جعلها تصل بسهولة إلى قلوب الناس. كتب للوطن، للحب، وللإنسانية، فكانت قصائده تحكي حكاية السعودية، ترصد تحولات المجتمع، وتعبّر عن نبض المواطن السعودي.
محطات لا تُنسى في مسيرته الشعرية
وعلى مدار أكثر من نصف قرن، قدّم الأمير بدر إرثًا أدبيًا غنيًا، تعاون خلاله مع أبرز الفنانين السعوديين والعرب، وعلى رأسهم محمد عبده، وطلال مداح، وعبادي الجوهر، وغيرهم. أغانيه الوطنية، مثل «فوق هام السحب» و«عز الوطن» و«حدثينا يا روابي نجد»، تحولت إلى رموز ترددها الأجيال في المناسبات الوطنية الكبرى.
وأما أوبريت «فارس التوحيد»، فقد كان أحد أبرز أعماله، حيث استطاع من خلاله أن يجسّد رحلة الملك عبد العزيز آل سعود في توحيد المملكة، مستخدمًا لغة شعرية تتنقل بسلاسة بين الفصحى والعامية، لتصنع سيمفونية تاريخية تبقى محفورة في ذاكرة السعوديين.
قصة أوبريت فارس التوحيد للأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن.#وجها_لوجه pic.twitter.com/0MDh8i7j8v
— قناة ذكريات 📺 (@Thikrayat_tv) May 5, 2024
«يا بدر، هل تسوي القصايد تعبها؟»
وقبل رحيله في مايو 2024، ظل الأمير بدر بن عبد المحسن حاضرًا في وجدان الشعب السعودي، لم يكن مجرد شاعر، بل كان ذاكرة وطنية، تسكن كلماته في القلوب، وتُرددها الألسنة كلما ارتفع العلم السعودي خفاقًا. وبينما يتساءل هو نفسه في إحدى قصائده «هل تسوي القصايد تعبها؟»، فإن الإجابة تكمن في كل بيت شعر كتبه، وفي كل مناسبة تُردّد فيها كلماته، وفي كل لحظة مجد صنعتها حروفه، ليبقى صوته خالدًا في سجل الوطن.