تقارير

من هي ميسون زوجة معاوية بن ابي سفيان – ويكيبيديا

من هي ميسون زوجة معاوية بن ابي سفيان – ويكيبيديا، هي ميسون بنت بحدل الكلبية، واحدة من الشخصيات النسائية البارزة التي ارتبط اسمها بفترة حكم الدولة الأموية، إذ كانت زوجة الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان ووالدة الخليفة الثاني يزيد بن معاوية، مما جعلها تلعب دوراً محورياً في المشهد السياسي خلال تلك الفترة. ورغم قلة التفاصيل الدقيقة حول حياتها، إلا أن ما ورد عنها في المصادر التاريخية جعلها شخصية مثيرة للاهتمام، خاصةً فيما يتعلق بعلاقتها بالخليفة الأموي وشخصيتها كشاعرة بدوية.

نشأتها وأصولها

تنتمي ميسون بنت بحدل إلى قبيلة بني كلب، وهي قبيلة عربية بدوية عاشت في بادية الشام، وكانت على صلة قوية بالروم والسريان الأرثوذكس. والدها بحدل بن أنيف كان زعيماً بارزاً لهذه القبيلة التي لعبت دوراً سياسياً مهماً في المنطقة، إذ احتفظت بموقفها المحايد إلى حد كبير عند دخول المسلمين إلى الشام. وتذكر بعض المصادر أن ميسون كانت تدين بالمسيحية السريانية الأرثوذكسية قبل زواجها من معاوية، لكن لا توجد أدلة قاطعة على بقائها على هذا الدين بعد زواجها.

زواجها من معاوية ودورها السياسي

في عام 645م، عقد معاوية بن أبي سفيان قرانه على ميسون بنت بحدل، في زواج حمل أبعاداً سياسية واضحة. كان هذا الزواج خطوة ذكية لتعزيز التحالف بين الأمويين وقبيلة بني كلب، التي كانت ذات نفوذ قوي في المنطقة. وجاء ذلك في فترة حساسة بعد انتشار الطاعون في دمشق، ما أدى إلى فقدان أعداد كبيرة من الجنود المسلمين، وكان معاوية بحاجة إلى دعم القبائل العربية المسيحية لموازنة القوى في المنطقة.

لم يكن هذا الزواج مجرد تحالف سياسي، بل أثمر عن ولادة يزيد بن معاوية عام 646م، الذي أصبح فيما بعد ثاني الخلفاء الأمويين، وهو ما جعل ميسون تحمل لقب “أم الخليفة”، مانحةً إياها نفوذاً غير مباشر في السياسة الأموية. ومع ذلك، لم يكن القصر الدمشقي موطناً محبباً لها، إذ قيل إنها كانت تميل لحياة البادية التي نشأت فيها، وهذا ما عُبّر عنه في قصيدة نُسبت إليها تُظهر حنينها للبساطة والخشونة التي اعتادتها في الصحراء.

قصتها مع القصر الأموي والقصيدة الشهيرة

تُعد ميسون واحدة من أبرز الشاعرات العربيات في التاريخ الأموي، حيث نُسبت إليها قصيدة شهيرة تعبر فيها عن تفضيلها العيش في البادية على العيش في قصر معاوية الفخم في دمشق. تقول بعض الروايات إن معاوية طلقها بسبب هذه الأبيات، حيث رآها تعبيراً صريحاً عن رفضها لحياتها في البلاط الأموي. ومن أشهر أبياتها:

لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إليّ من قصر منيف
ولبس عباءة وتقـرّ عيني أحب إليّ من لبس الشفوف
وأكل كسيرة فـي كسر بيتـي أحب إليّ من أكـل الرغيـف

وتعكس هذه الأبيات ولعها بالحياة البدوية ورفضها للترف المبالغ فيه، لكنها أيضاً أثارت الجدل حول موقفها الحقيقي من الزواج بمعاوية. فبينما يرى البعض أن هذه الأبيات كانت سبباً في طلاقها، يرى آخرون أن هناك خلطاً بينها وبين شاعرة أخرى تحمل اسم “ميسون بنت جندل الفزارية”، وأن الأخيرة هي صاحبة هذه القصيدة.

أمومتها ليزيد وتأثيرها في نشأته

رغم أن يزيد بن معاوية نشأ في البلاط الأموي بدمشق، إلا أن ميسون حرصت على اصطحابه إلى البادية ليعيش جزءاً من طفولته وسط قبيلتها في جنوب تدمر، حيث أرادت أن يكتسب صفات الفرسان العرب وقيم البداوة. ووفقاً لما ذكرته المستشرقة التركية نابيا أبوت، فإن ميسون كانت تهتم كثيراً بتعليمه وتربيته، مما انعكس لاحقاً على شخصيته كخليفة محاط بثقافة البداوة والشعر والفروسية.

روايتها للحديث وأثرها في التاريخ

إلى جانب مكانتها كشاعرة وزوجة خليفة وأم خليفة، روى بعض المؤرخين أن ميسون روت حديثاً واحداً عن النبي محمد، نقلاً عن زوجها معاوية. إلا أن هذه الرواية قليلة الانتشار، وربما لم يكن لها أثر كبير في التراث الحديثي الإسلامي.

وفاتها وإرثها

توفيت ميسون بنت بحدل عام 700م (80 هـ)، تاركة وراءها إرثاً مثيراً للجدل بين الحقيقة والأسطورة. لم تكن مجرد زوجة خليفة وأم خليفة، بل كانت شخصية قوية ومؤثرة في مرحلة مفصلية من التاريخ الإسلامي، حيث تداخلت السياسة والشعر والعلاقات القبلية لتشكيل صورة فريدة عن امرأة عاشت في كنف السلطة لكنها لم تتخل عن جذورها البدوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى