قصة الناشط السوري مازن حمادة وسبب وفاته بالتفصيل

تصدر اسم مازن حمادة مجددًا عناوين الأخبار بعد الإعلان عن وفاته داخل سجن صيدنايا في ديسمبر 2024، ليُغلق بذلك فصلٌ طويلٌ من النضال والمعاناة التي عايشها الناشط السوري منذ بداية الثورة السورية عام 2011، لكن قصة مازن لا تقتصر على كونه ضحية أخرى في الصراع السوري، بل هي شهادة مؤلمة على واقع الاعتقال والتعذيب في السجون السورية.
من هو مازن حمادة؟
وُلد مازن حمادة في مدينة دير الزور عام 1977، ودرس في معهد الصناعة النفطية قبل أن يبدأ مسيرته المهنية كفني في شركة “شلومبرجر” الفرنسية، مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، انضم مازن إلى صفوف المتظاهرين المطالبين بالحرية، حيث شارك في المظاهرات السلمية ووثّق الأحداث عبر هاتفه المحمول، وهو ما جعله هدفًا مباشرًا لأجهزة الأمن السورية.
شهدت حياة مازن منعطفًا حادًا مع أول اعتقال تعرض له في 24 أبريل 2011، حيث قضى أسبوعًا في السجن قبل الإفراج عنه، تكررت التجربة مرة أخرى في ديسمبر 2011، ليتم اعتقاله للمرة الثانية لمدة أسبوعين، وبعد خروجه غادر إلى دمشق بحثًا عن الأمان، لكنه لم ينجُ من شبح الاعتقال.
#فيديو من من مقابلة تلفزيونية في #هولندا
الناشط السوري “مازن حمادة”
وهو يروي بعض من انتهاكات نظام الأسد والتعذيب في السجون السورية التي تعرض لها وغيره الالاف وحتى يومنا هذا .🔺بعد إطلاق سراحه عام 2014 هاجر إلى هولندا وبدأ بفضح ماجرى وشهد على مأساة السوريين في محكمة لاهاي… pic.twitter.com/Au4Y5Fp2e4
— PIC | صـور من التـاريخ (@inpic0) December 7, 2023
في مارس 2012، حاول تهريب عبوات من حليب الأطفال إلى إحدى ضواحي دمشق المحاصرة، إلا أن محاولته انتهت باعتقاله مع اثنين من أبناء أخيه، واللذين لقيا مصرعهما تحت التعذيب، تعرّض مازن لأبشع أنواع الانتهاكات في فرع المخابرات الجوية بمطار المزة العسكري، حيث ذاق أصنافًا من التعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الضرب، التعليق لفترات طويلة، والإكراه على التوقيع على اعترافات ملفقة.
تم نقله لاحقًا إلى المستشفى العسكري 601، الذي وُصف بأنه “المسلخ البشري”، حيث عاين بأم عينه مشاهد مأساوية لمعتقلين يُعذبون حتى الموت، فيما تكدست الجثث في أروقة المستشفى، بعدها، أُعيد إلى سجن المزة، ومنه إلى سجن عدرا، حيث بقي هناك لمدة شهرين قبل أن يُفرج عنه في سبتمبر 2013، تركت هذه التجربة القاسية أثرًا دائمًا على جسده ونفسيته، حيث بقي يعاني من آلام مزمنة في أجزاء من جسده.
اللجوء في هولندا والشهادة على الانتهاكات
بعد الإفراج عنه، اختار مازن اللجوء إلى هولندا، حيث بدأ حياة جديدة في بيئة آمنة، لكنها لم تكن خالية من الهموم النفسية، في هولندا، أصبح مازن واحدًا من أبرز شهود العيان على جرائم التعذيب في السجون السورية، إذ روى في لقاءات إعلامية عديدة تفاصيل الانتهاكات التي تعرّض لها وشاهدها، محاولًا إيصال صوت المعتقلين إلى العالم.
ورغم الدور الكبير الذي لعبه في فضح جرائم النظام السوري، فإن معاناته النفسية ظلت مستمرة، حيث شعر بالذنب لعدم قدرته على مساعدة رفاقه المعتقلين، إلى جانب معاناته من أزمات مالية وصحية.
وفي 23 فبراير 2020، اتخذ مازن قرارًا مفاجئًا بالعودة إلى سوريا، رغم تحذيرات المقربين منه، وفقًا لبعض التقارير، تعرض لضغوط من قبل وسطاء مقربين من النظام، حيث أُقنع بأن عودته ستساهم في إطلاق سراح بعض المعتقلين، إلا أن هذه الوعود سرعان ما تبخرت، إذ تم اعتقاله فور وصوله إلى مطار دمشق، ليختفي قسريًا منذ ذلك الحين.
النهاية المأساوية في سجن صيدنايا
بعد اختفاء دام أكثر من أربع سنوات، طفت الحقيقة المأساوية إلى السطح، حيث تم الإعلان عن العثور على جثمان مازن الحمادة في سجن صيدنايا في 9 ديسمبر 2024، صيدنايا، المعروف بأنه من أخطر السجون في سوريا، ارتبط اسمه بعمليات الإعدام الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
قصة مازن حمادة ليست مجرد سرد لمراحل الاعتقال والتعذيب، بل هي رمز للنضال من أجل الحرية والكرامة، قدم شهادات حية عن واقع المعتقلين في السجون السورية، وساهم في تسليط الضوء على معاناة آلاف السوريين الذين لا يزالون قيد الاعتقال أو في عداد المفقودين.
تُعد وفاته داخل سجن صيدنايا تذكيرًا مأساويًا بحجم المعاناة التي يعيشها السوريون بسبب آرائهم السياسية أو مشاركتهم في الاحتجاجات، واليوم، بات مازن الحمادة أيقونة للثورة السورية ورمزًا عالميًا للجرأة في وجه الظلم.
اقرأ أيضاً: قصة حمزة الخطيب.. جثمان حمزة الخطيب.. الطفل السوري الشهيد